ما زال الحديث مستمرًا عن العالم الرياضي جوسيت، وسنتحدث اليوم عن واحدة من أهم أبحاثه، والتي تعتبر أهم إنجاز له كل العلماء مدينين له إلى الآن. تلك الورقة كانت بعنوان (خطأ المتوسط الحسابي المحتمل) (The probable Error Of the Mean )
في تجربته العادية جدًا توصَّل جوسيت للحل، ثم أعاد التحقق منه وقارن بين أنواع البيانات التي لديه، تحقق من فرضياته، أعاد حساباته مرة تلو المرة، مستخدمًا طريقة يدوية بحتة مُجهدة ومستهلكة للوقت.
الغير عادي والمثير في التجربة لم تكن تلك الحسابات، بل في العينات، الشئ المحوري هنا هو استخدامه لعينات صغيرة ، وذلك عكس المتعارف عليه آنذاك، حيث استخدم كارل بيرسون قبله آلاف القياسات (البيانات) في تجاربه لإيجاد التوزيع.
تساءل جوسيت أنه ربما ظهرت كل النتائج صحيحة بدون أخطاء في تجارب بيرسون لأن البيانات كانت كثيرة جدًا. ماذا لو كانت البيانات اقل والعينات أصغر؟
في تلك الليلة جلس جوسيت على منضدة مطبخه، آخذا عينات صغيرة العدد، ثم أخذ يحسب المتوسط والانحراف المعياري، واضعًا بياناته في كل مرة على رسم بياني. أوجد بعدها جوسيت المتغيرات الأربعة، وقارنها بأحد أفراد مجموعة بيرسون للتوزيع الانحرافي.
ويكمن الاكتشاف العظيم هنا في عدم ضرورة معرفة القيم الحقيقية لكل المتغيرات الاربعة للتوزيع الأصلي، حيث أنه يمكن جدولة التوزيع الاحتمالي لنسب القيم المقدرة للمتغيرين الأولين. لن يهم وقتها مصدر البيانات، ولا من أين أتت ولا حتى القيمة الحقيقية للانحراف المعياري، فبمجرد أن تأخذ نسبة العينتين المقدرتين تستطيع الوصول إلى توزيع معروف.
هكذا نرى أهمية اكتشاف جوسيت العظيم في تقريب وجهات النظر، والذي اختصر كثيرا من الوقت والجهد بعده. شئنا أم أبينا كلنا مديونون لجوسيت وجدوله.