ما هي أكثر أنواع الأطعمة المفضلة لديك؟
هل هي الدواجن، اللحوم،أم الخضراوات؟
فلنتفرض أنك تحب اللحوم أكثر من أي شئ. هل تستطيع أن تستمر بأكل اللحوم “فقط” لفترة طويلة، أو ربما
للأبد ؟؟
بعضٌهم أُجبر على ذلك فترة طويلة ولم يكن له حق الاعتراض، وعندما فعل سمّوه “ثوريّ متمرد” !
تللك كانت نواة أول تجربة عملية نقلها لنا التاريخ.
قد سبق وذكرنا في حلقة سابقة محاولة من المحاولات الأولية لإنشاء تجربة سريرية على البشر في القرن التاسع عشر بانجلترا على يد العالم رونالد فيشر. هذه المحاولة تمت عن عمدٍ ومعرفة بأنها تجربة، وبأن لها فرضية تنص على شئ ما، وسيتم تجميع البيانات بطريقة أيًا كانت ماهيتها، اعتمادًا على الملاحظة البحتة، ثم الاستنتاج.
ما رأيك أن تعود معنا بالزمن قليلًا للوراء لنرى محاولة أولية أخرى ولكنها أبسط وأكثر بدائية بكثير، الشبه الوحيد بين هذه وتلك هو أن الاثنتين تستخدمان مبدأ الملاحظة والاستنتاج.
لم تكن تلك ببعيدة زمنًا ولا مكانًا ، حدث ذلك في بلاد الرافدين ، حضارة بابل القديمة، قبل الميلاد بما بقرب الخمسمائة وستين عامًا، تحت حكم الملك العسكري “نبوخذ نصر” والذي ساقه اعتقاده “الشخصي” بفوائد اللحم أن يفرض على رعيته أن يأكلوا اللحم ويشربوا الخمر فقط ، ولا شئ آخر.
طبعاً، لم يكن للرعية شأن في الأمر، كانوا مجبورين على تنفيذ أوامر حاكمهم. فقط أصحاب الدم الملكي من الشباب هم من كان لهم حق الاعتراض. فسمح لهم الملك بأن يأكلوا الخضراوات ويشربوا المياه فقط لمده ١٠ أيام.
بعدها لاحظ الملك أن من يأكلون الخضراوات ويشربون المياه يتمتعون بصحة وافرة بعكس أولئك المجبورين على تناول اللحوم وشرب الخمر فقط. فقرر أن يسمح لشعبه بتناول الخضراوات. وكانت تلك أول مرة يتم فيها اتخاذ قرار بناءً على تجربة حتى ولو كانت بدائية والقائمين عليها لا يعلمون أن ما يفعلونه هو أقرب للتجربة العلمية.
هكذا العلم بالعموم والتجارب السريرية بالخصوص ، تم بناؤه على مدار سنوات طويلة جدًا، وبخطوات ضئيلة للغاية، تُبنى بعضها فوق بعض لتصل للشكل النهائي لما هي عليه اليوم، ندرسه نحن بشكل ممنهج معلوم تم وضعه بدقة شديدة من قِبَل أساتذة كِبار أفنوا حياتهم في سبيل هذا العلم.